الأربعاء، 14 أكتوبر 2009

متاهات حسين حبش إلي سليم بركات

متاهات حسين حبش إلي سليم بركات دروب وضلالات..وهوية

ليست بمعارضة شعرية كما اعتاد الشعر عندما يتناطح على قمته فحلا شعر, ولا هي مديح خالص ولا تناص يجدُل روح الشاعر الأب بجسد الشاعر الابن ؛ فاللاءات كثيرة تزيد على ما ذكرناه ؛ لكنّها تتحول" لنعم" خجولة تزيد اللاءات جمالا, عندما نقول :إن نص " ضلالات إلى سليم بركات" للشاعر حسين حبش , ما هو إلا كلمة طويلة رؤيوية طول الأحرف الأبجدية , ليس عن تجربة سليم بركات فقط بل عن كل ما أحاطها والأهم أنها رؤيوية الشاعر القائل عن ذاته.
سليم بركات الخارج عن اللغة العربية والخارج بها من مألوفها, كمن يتلقى الطعنة, فيجعل من الجرح غمدا للنصل , يحميه من صدأ الكلمات المرتهنة لسياقها, مهما يكن , فسليم بركات حرر اللغة من شرطها وشرطتها؛ لتصبح مقادة لمن يجيد قيادتها , هكذا تختار الفرس فارسها.
حسين حبش الذي يحدد اتجاه النص بعتبة لطاغور"أنّى تكن الدروب معبدة, أضل طريقي"
يُخرج سليم بركات من أبوة ما مفترضة, ويحرر نفسه أيضا؛ ليصبح نصه ملكا له وحده يزيد من سعة الأرض كما يقول أدونيس, فما سليم بركات إلاّ" فَارِهُ القلب، لا يمنع أحداً من المرور إلى الضفة الأخرى من الينابيع/ لا يفرض جزية على أرياش العصافير/ولا يطارد أثر الخطوات المختالة في نكرانها /وقرائنها المستبِّدة.".
فالشعر حرية وليس لك إلا تلمس الأثر الخفي لخفقات الأجنحة , فإن قلدتها سقط الشعر وتوقف المريد عند الباب فلا الباب فتح له ولا هو استطاع اجتيازه فله النظم وظاهر القول ومحال عليه الكشف, فيقول الشاعر حسين حبش على لسان الذوق وينسبه تقية إن جاز القول لسليم بركات:" أي باب يخاف من الريح ليس ببابي/أي بيت يتنكَّر للشِّعر ليس ببيتي/ أي كتاب يحجب الحبَّ ليس بكتابي/ أي أب "يتأبب" ليس بأبي/أي إلهٍ يوصي دائماً ليس بإلهي.".
أمّا العتبة الثانية فتجلت بمفردتي " نص طويل" وهذه تقودنا إلى المتلقي الذي يتجاذب مع الشاعر النص والشاعر هنا يلعب الدورين معا فتارة هو صاحب النص الطويل " ضلالات إلى سليم بركات" وتارة أخرى هو هذا المتلقي لشعر سليم بركات, وكأن الشاعر يستظهر مقولة أبي تمام " أنْ أحفظ ألف بيتا ثم انسهم" , فنص الشاعر حسين حبش هو نفي لنص سليم بركات وبنفس اللحظة التي يتم في النفي يكتمل الإثبات لنص سليم بركات فينوجد نص الشاعر الخاص به وحده كالهوية التي لا يتشاركها اثنان, هكذا يكون النص ليس مجموع تجربة سليم بركات التي كتبها فقراءها الشاعر القارئ " ينقل مدَّخرات التلقين في أحوال العبور /إلى الطرف الأغرِّ من الحكاية." بل النص الخاص به, خلق آخر, القائم على النفي والإثبات " انهضْ أيها الماجن من نومك /وجرِّب هطولك فوق رئات الأرض، /ثم خذ بتلابيب العطش إلى مهب الأنقاض/بعثره فتاتاً، فتاتاً وألحقه إلى العماء/لعلَّ البراعم تنتهك بشهوتها سيادة الزرقة /وتحيل بتلاتها إلى ربيع الغبطة وعذوبتها /في رفاهٍ سماويٍّ يشعشع بالألوان.".
وهنا نأتي إلى العتبة الرئيس" ضلالات إلى سليم بركات" شمس النص , لتقول لك : اتبع ظلالك أو ضلالاتك وكن حريتك.
النص بمجمله يبتدئ بفعل المضارع الذي يخاطب الشاعر به عبر ضلالاته سليم بركات ,ففي بداية كل صفحة يتجدد الخطاب بالآن وهذا يدل على مدى قدرة سليم بركات على التواجد في الحاضر ردا على الماضي/ الذكرى والمستقبل المستبد به الأمل وبمعنى آخر هو خطاب الذات لذاتها التي وعت هويتها ووجودها لذلك كان خطابها هو خطاب اللحظة وتملكها ,أليس هذا أقصى درجات الحرية والعلو فوق ثنائيات الواقع في وحدة الهوية التي حازها الشاعر حسين حبش " يقترب من السموات،/وينادي الله: إلهي لا تبذِّر حنانك على الطغاة /لا تكن رؤوفاً معهم ولا تجعلهم يعيثون في الأرض ذباباً./إلهي لا تجعلهم يستبدون ويتسعون كالجريمة./إلهي ألجمهم،/ألجم طغيانهم./إلهي، إلهي، /إلهي/ي/ي/ي.../لا تدع دعاءنا يذهب أدراج الريح."
"ضلالات إلي سليم بركات" للشاعر حسين حبش صادر عن دار أزمنة 2009
باسم سليمان
الزمان
Bassem-sso@windowslive.com



ليست هناك تعليقات: