الثلاثاء، 27 أكتوبر 2009

مقص " ق ق ج" في شَعر الواقع

مقص " ق ق ج" في شَعر الواقع
" ق ق ج" ,هكذا هي القصة القصيرة جداً مولعة بالاختصار , لقد رأت حتى في الكلمة استطرادا لا ضرورة له , لا يوجد في "ق ق ج" ثيمة" كان يامكان" ,ولا أن تتلمظ الكلمات , فهي ما أن تبدأ حتى تنتهي وتترك القارئ في زمن مكسور ومكان هجرته الجهات , لربما تريد الاختفاء , مجرد عدة نقاط ويكفي ؟!. حضورها شبحي يجيد أن يجعلك تقفز من مكانك , فهي ما وراء, ما بعد, أنها مابعد القراءة من شكوك وظنون , تريد اللايقين وسيلة وغاية؟!.
ليس هذا تعريفا لها بل الدخول الذي يقتضي المواربة لعوالمها ومن ثم لمجموعة عمران عزالدين أحمد القصصية " يموتون وتبقى أصواتهم" وفي دلالة العنوان نستطيع أن نجد حرباء ملامحها , ف" ق ق ج" متمنعة على القراءة لقصرها لكن مفتوحة على التأمل .
سأعرض قصتين في محاولة لاستجلاء بعض خصائص " ق ق ج" :
ففي قصة " مصروف" يقص عمران: "كان والدي يعطي مصروفا لأخي الصغير, ويحرمني منه, فكنت أتحين الفرص كي أسرق مصروفه, وكنا دائما نتعارك, لما تكررت هذه القصة كثيرا , قطع والدي المصروف عن أخي, فاتفقنا على سرقة معطفه"
و قص آخر بعنوان" جدول الضرب" : في حصة الرياضيات سأل التلميذ أستاذه: كيف نحفظ جدول الضرب يا أستاذ...؟ أجابه : ألا تسكت عن حقك يا بني".
لقد أخذت من الحدث ,قفلته الصادمة في القصة القصيرة ومن الشعر التكثيف وعوالم المجازات ومن المسرح الحوار ثم أنكرت وسخرت وأنجبت نفسها كجنس وحشرت نفسها على منصة الأدب.
ف " ق ق ج" لم تسكت عن حقها في استبطان خصائصها وإظهارها في قصها, فهي تقيم الاحتجاجات والمرافعات لتكسب شرعية وجودها كجنس أدبي يستحق التقعيد ليقوم النظري بجانب التطبيقي وتبتعد بذلك عن الكثير من المجانية والتسطيح الذي يعمها.
ولا يضيرها ما يقال عن كفاية القصة القصيرة للقيام بشؤون القص , فمادامت تقدم الكثير عبر أسلوبها وشكلها فهي قد خرجت عن ربّ رمية والاستثناء الذي لا يشكل قاعدة إلى الوجود الحق.
فعمران عمل بتقنية السحب والترك والقص واللصق , يلتقط القصة بعين خبيرة وكلمة تسد مسد الشرح ويد تجيد رمي القصة في قلب القارئ وبهذا يجعل قصصه كأنها دوال ودلالاتها تعيش بينا وهذه الدلالات التي تطال مجمل مستويات حياتنا , كاشفة وفاضحة وساخرة ومتهكمة , تضع العصي في دواليب البلادة والسلب لتقيم محور دولاب الإيجاب , لنعيد حرث أفكارنا وممارساتنا وزرعها بالشجر لتنقية تلوث الأجواء من حولنا.
إن " ق ق ج" تشبه المشي على الحبل , والذي له صفة التأرجح و جوهره التوازن عليه و"لكن" إن أشتد التأرجح سقط الماشي والسقوط هنا يفيد التشابه والمتكرر في نتاج هذا الجنس الأدبي والسبب يعود لأن " ق ق ج" من خصيصتها الجوهرية إصابة الهدف في الصميم وبغير ذلك تعتبر رمياتها غير محسوبة ولو أصابت الدريئة , فهي ليس كالقصة القصيرة التي في جعبتها عدة رميات إن خابت الواحدة قامت مقامها الثانية , فصفتها الرمية الواحدة وميزتها أن لا تثنية لها , وهنا نقول : إن عمران من الرماة في هذا الجنس الأدبي و" اللكن " التي وضعناها بين قوسين لا تنقص قيمة هذه المجموعة أبدا.
يقول عمران في قص " ثورة" : اشتدّ نباح الكلاب , حين شرع اللحام الموجود في الحارة , ببيع العظام, إلى الناس الفقراء.
وازدانت المجموعة بتقديم للقاص والروائي حسن البقال من المغرب والناقد والروائي هيثم حسين من سوريا .
احتوت المجموعة 86 قصة , صادرة عن دار التكوين دمشق لعام 2010 " يموتون وتبقى أصواتهم " مجموعة قصصية ل عمران عز الدين أحمد تستحق القراءة والتوقف عندها .
باسم سليمان
الثورة
Bassem-sso@windowslive.com

الجمعة، 23 أكتوبر 2009

حمأ الشعر

حمأ الشعر

القصيدة الأولى, براءة لا تفضها تتالي القصائد بل تبقى الدهشة تسكنها بسكينة أحلام الطفولة ,كذلك الديوان الأول عندما تنداح منه رائحة البلوغ فتأتي شهية كحلمة مراهقة تتحسس نهدها بسبابة تشير بها لأنوثتها التي تكتمل كمقمر في اليوم/ السنة الرابع/ة عشر من شوقها سعيدة بهفواتها لتحمر بها وجنتيها كالخفر .
عاطفة التراب أو لنقل الحمأ المسنون أو الصلصال هذه الجذور الجينية التي نبتت منها البشرية جمعاء ألا تكفي لنفهم المثل القائل " لايملئ عين الإنسان سوى التراب" ونخرجه عن ما قرّ عليه لنقول " لايملئ عين الإنسان إلا أنسانا آخر".
" افتح ذراعيك للرحيل وامنح القصيدة/ ذرعا أخرى" يتبدى الشاعر محمد عاطف بريكي
في ديوانه الأول " عاطفة التراب" مرتحلا إلى الآخر/ الأنت؛ ليثبت للأنا وجودها ويتعرف على الكون من خلال عرفات القصيدة " علمّه الحروف حتى استقام/ في وحشة الظل أجلسه/.../ بغتة , تنزل العشق في قلبه/ وفيه عرف مقامه/ واستقام.
وإذا كانت اللغة حجابا من يوم بلبلة الألسن بين الإنسان وأخيه والإنسان الكون , فالشاعر هو من يفك عجمتها وينقط المتشابه من حروفها ويشكّل رؤية ورؤى حرفها في كلمتها, فتنجلي جملتها وينهار حجاب اللغط ,لينفتح على قاب قوسين أو أدنى , فلا يضلّ الآخر في أناه بل يسمع بإذنه, كأن الفم الناطق فمه وهكذا يصبح الشاعر صوت الإنسان المقهور في كل مكان, ففي قصيدته المرفوعة للشاعرة التشيلية سبياستيانا, جزائرية المنفى ,عقب استلام الديكتاتور بينوشي الحكم, يتناص الشاعر مع حال شاعرته " فقط لأني أحبك يا وطني/ يا وطن الخبز والقيثار/ وطني الأحمر الغليظ كجسد رشاش هرم/ من أجل هذا تراني اليوم في صحبتك اليوم / أيها الوطن الصغير" فقد حلّ الشاعر باللغة و سرت في عروقه روحها, فنطق متجاوزا حجاب الشفتين إلى كشف الحنجرة, فأسمع طينه وطينها.
عندما يموت الشاعر يمنح القصيدة ذراعا أخرى, عبدالله بوخالفه ناداه الشوق إلى طينه , فاختار الموت تحت عربات قطار تاركا وصية سرية , مخطوط شعري , لم يعثر عليه أحد وقصيدة على شفاه شاعرنا" اختار ضجيج /المحطات/كي يكتب آخر الشعر /و يزف لكم أول غيمة /ليدفع عن نفسه /جوع الأبدية ..."
يختار محمد عاطف بريكي بلاغة الأرض العارية إلا من انتظار التلقي وكأنه يجد فيه اليد الثانية للقصيدة فيريد من القارئ أن يمد يده ويسوي انحناءة جرّة القصيدة قبل أن توضع في كور القراءة " مرة قالت نملة لسليمان: علّمني سفر التورية /على مضض /سقط الوحي بمائدة /الفلسفة و مفردات الجن /من سماء المعاني /جسد بلا روح ".
وليكتمل الإنسان بالإنسان كانت القصيدة بداية والأنثى نهاية" سيغشاك الحب كوحي/ينزل باللوز و الياسمين/على قلبك المفتون بوردها/يا وجهها / الوجع /أنت من بعثر في مساحة /الكون /طينة الأنبياء/فلا أنت فنيت في اسمها الملكي/ ولا أنت بعثرت مساحات الكلم/ أو محنتك سورة الشعراء".
في رسالته للشاعر سمير قسيمي الذي ابتدأ بها الديوان, يقول محمد عاطف بريكي : "الشعر في أصله صوت مباغت " ولابد منه بهذا الشكل لنباغت الإنسانية التي نسيت طينها وقالت : خلقت من مارج من نار.
"عاطفة التراب" مجموعة شعرية أولى للجزائري محمد عاطف بريكي صادرة عن دار القصبة 2009
الثورة
باسم سليمان
Bassem-sso@windowslive.com


الثلاثاء، 20 أكتوبر 2009

الواقع لو تمرد؟!

الواقع لو تمرد؟!

لا ريب أن كاتب القصة القصيرة مغرما بالقنص , فهو يقنص كلمة, حدثا , فكرة ما من هامش المعنى ليدخلها بجلبة للمتن , ويكاد يعطيها الحق بالقول كلية , ساخرا من المتون العظيمة كمجنون ألف أن يلقي كلمته فيحيّر فيها مئة عاقل؟!.
في " السماء ليست عالية" المجموعة القصصية ل مالك صقور ُيدخل الواقعية وتجلياتها في معترك التهكم عليها والوقف معها أيضا؟! وخاصة بعدما آلت سياقاتها الناقدة إلى خادمة لمَا تنقده ؛ ففي قصة "الوحام" وبعد أن تصل المعركة بين البيك و أحد عماله إلى المواجهة المأمولة بثورة العامل؛ فيصبح المتلقي وهو هنا يمثل سؤال المجتمع إلى ما سيؤل إليه تململه من واقعه العفن , منتظرا النهاية التي ترضي عواطفه , يثور القص على سياقه وبصدمة غير متوقعة يتجلى السؤال المهم: وماذا بعد؟ , على لسان العامل الراعي حسيون" اجمعي حطبا, يا سعدى, هاتي حطبا كثيرا, كبش , اثنان, ثلاثة, القطيع جاهز.. وليكن الطوفان.. لعينيك يا سعدى. ولكن قولي لي ! أنت واحدة تتوحمين, وماذا إذا توحمت كل النساء, وماذا إذا ضيعتنا توحمت؟ وماذا.... وماذا إذا توحم كل الناس؟!!" هكذا تأتي نهاية القصة ليتفعل سؤال المتلقي : أنفني كل القطيع؟!.
بتلك الطريقة يقص القص حبل طمأنينة المتلقي وينقله لقلق الفاعل وما فعله بنفسه , فالواقعية كمذهب أدبي وما تبنته من وصف الواقع في طورها الأول والعمل على تغيره في طورها الثاني عن طريق توجيه المتلقي أو حفر مجرى النهر؛ تتحرر هنا لتقول :النهر أحق بحفر مجراه.
على هذا الشكل يتابع القاص رمي الكرة في ملعب المتلقي ومهما احتال ليعيدها لأرض القاص أرضاء لسيرورة طويلة سيكولوجية يُعتمد فيها على الأب ومنظومته في استجلاب راحة ولو كانت سرابية لكنها تظل مفضلة لمتلق اعتاد أحلام اليقظة والغير في تغير واقعه, لكن مكر القاص في المرصاد له, فقصة " درب إلى الجنة" تؤكد ذلك , فالفتاة التي زوجت غصبا لعجوز يأمل من خلالها بأن ُيمنح ولد يرثه بعدما فشلت زوجاته السابقات من الإنجاب منه بسبب عقمه , وتداعت كل الطرق في إقناعها بالبقاء لديه , ولابد أن الطلاق هو الخاتمة لمعاناتها, كما ينص القانون الذي استخدمه ولوى عنقه لمصلحته في الزواج منها ورفضه منحها الطلاق بل أكثر من ذلك , إذ بعثها للحج ليغفر لها, قناعة منه أن في ذلك تطهيرا لها وتهدئة لنفسها الثائرة , وعلى وقع أنه لم يجد محرما يذهب معها , يتفتق ذهنه عن خطة تتم بتطليقها منه وتزويجها دون علم من عامله البسيط على يد من كتب كتابه عليها بداية ,فعامله عبدو الذي لحم أكتافه من عطاء سيده لن يتمرد عليه , فظن لذلك أن خطته محكمة ولكن بعد العودة من الحج تتمسك زوجته السابقة بعقد زواجها الجديد ويصمت عامله الذي اعتاد الخضوع والخضوع لا ينتج غير العبيد ومتى كانوا العبيد يتمردون على أسيادهم الجدد؟!! ؛ هكذا تستخدم الزوجة القانون الذي أخضعها للوصول لحريتها , بعدما كان المتوقع الثورة عليه, فالقانون الصحيح لا يخترق ولكن أية ثورة ترتجى على قانون رغم ثغراته صار من عناصر الأرض الأربعة وعامل صار كالمسنن في ساعة لا يعرف عن وقتها شيئا ؟!.
يُفلج الزوج السابق فيما كانت أسماء الزوجة السابقة له تسحب الحاج عبدو زوجها الجديد إلى بيتها الجديد في حارتها , الطبيب قال: فالج لا تعالج , الشيخ يستعيذ من الشيطان والمحامي يسأل : أين الغلط ؟!.
بسرد شيق يبني مالك صقور بنيته القصصية مستخدما تقاناتها بسلاسة وخبرة تنم عن تجربة متأملة ومنتبهة لخطورة القص وسهولة الانزلاق في العادي منه وضيق مساحة المناورة في القصة القصيرة , فيضغط الحدث عبر جمل سريعة وحوارات قصيرة مبرزا المعنى لكنه يترك له حرية الهروب إلى أن تحين رصاصة السؤال التي يترك بها المتلقي مضرجا بقلقه.
السماء ليست عالية مجموعة قصصية صادرة عن اتحاد الكتاب للقاص مالك صقور
العرب اون لاين
باسم سليمان

الأربعاء، 14 أكتوبر 2009

متاهات حسين حبش إلي سليم بركات

متاهات حسين حبش إلي سليم بركات دروب وضلالات..وهوية

ليست بمعارضة شعرية كما اعتاد الشعر عندما يتناطح على قمته فحلا شعر, ولا هي مديح خالص ولا تناص يجدُل روح الشاعر الأب بجسد الشاعر الابن ؛ فاللاءات كثيرة تزيد على ما ذكرناه ؛ لكنّها تتحول" لنعم" خجولة تزيد اللاءات جمالا, عندما نقول :إن نص " ضلالات إلى سليم بركات" للشاعر حسين حبش , ما هو إلا كلمة طويلة رؤيوية طول الأحرف الأبجدية , ليس عن تجربة سليم بركات فقط بل عن كل ما أحاطها والأهم أنها رؤيوية الشاعر القائل عن ذاته.
سليم بركات الخارج عن اللغة العربية والخارج بها من مألوفها, كمن يتلقى الطعنة, فيجعل من الجرح غمدا للنصل , يحميه من صدأ الكلمات المرتهنة لسياقها, مهما يكن , فسليم بركات حرر اللغة من شرطها وشرطتها؛ لتصبح مقادة لمن يجيد قيادتها , هكذا تختار الفرس فارسها.
حسين حبش الذي يحدد اتجاه النص بعتبة لطاغور"أنّى تكن الدروب معبدة, أضل طريقي"
يُخرج سليم بركات من أبوة ما مفترضة, ويحرر نفسه أيضا؛ ليصبح نصه ملكا له وحده يزيد من سعة الأرض كما يقول أدونيس, فما سليم بركات إلاّ" فَارِهُ القلب، لا يمنع أحداً من المرور إلى الضفة الأخرى من الينابيع/ لا يفرض جزية على أرياش العصافير/ولا يطارد أثر الخطوات المختالة في نكرانها /وقرائنها المستبِّدة.".
فالشعر حرية وليس لك إلا تلمس الأثر الخفي لخفقات الأجنحة , فإن قلدتها سقط الشعر وتوقف المريد عند الباب فلا الباب فتح له ولا هو استطاع اجتيازه فله النظم وظاهر القول ومحال عليه الكشف, فيقول الشاعر حسين حبش على لسان الذوق وينسبه تقية إن جاز القول لسليم بركات:" أي باب يخاف من الريح ليس ببابي/أي بيت يتنكَّر للشِّعر ليس ببيتي/ أي كتاب يحجب الحبَّ ليس بكتابي/ أي أب "يتأبب" ليس بأبي/أي إلهٍ يوصي دائماً ليس بإلهي.".
أمّا العتبة الثانية فتجلت بمفردتي " نص طويل" وهذه تقودنا إلى المتلقي الذي يتجاذب مع الشاعر النص والشاعر هنا يلعب الدورين معا فتارة هو صاحب النص الطويل " ضلالات إلى سليم بركات" وتارة أخرى هو هذا المتلقي لشعر سليم بركات, وكأن الشاعر يستظهر مقولة أبي تمام " أنْ أحفظ ألف بيتا ثم انسهم" , فنص الشاعر حسين حبش هو نفي لنص سليم بركات وبنفس اللحظة التي يتم في النفي يكتمل الإثبات لنص سليم بركات فينوجد نص الشاعر الخاص به وحده كالهوية التي لا يتشاركها اثنان, هكذا يكون النص ليس مجموع تجربة سليم بركات التي كتبها فقراءها الشاعر القارئ " ينقل مدَّخرات التلقين في أحوال العبور /إلى الطرف الأغرِّ من الحكاية." بل النص الخاص به, خلق آخر, القائم على النفي والإثبات " انهضْ أيها الماجن من نومك /وجرِّب هطولك فوق رئات الأرض، /ثم خذ بتلابيب العطش إلى مهب الأنقاض/بعثره فتاتاً، فتاتاً وألحقه إلى العماء/لعلَّ البراعم تنتهك بشهوتها سيادة الزرقة /وتحيل بتلاتها إلى ربيع الغبطة وعذوبتها /في رفاهٍ سماويٍّ يشعشع بالألوان.".
وهنا نأتي إلى العتبة الرئيس" ضلالات إلى سليم بركات" شمس النص , لتقول لك : اتبع ظلالك أو ضلالاتك وكن حريتك.
النص بمجمله يبتدئ بفعل المضارع الذي يخاطب الشاعر به عبر ضلالاته سليم بركات ,ففي بداية كل صفحة يتجدد الخطاب بالآن وهذا يدل على مدى قدرة سليم بركات على التواجد في الحاضر ردا على الماضي/ الذكرى والمستقبل المستبد به الأمل وبمعنى آخر هو خطاب الذات لذاتها التي وعت هويتها ووجودها لذلك كان خطابها هو خطاب اللحظة وتملكها ,أليس هذا أقصى درجات الحرية والعلو فوق ثنائيات الواقع في وحدة الهوية التي حازها الشاعر حسين حبش " يقترب من السموات،/وينادي الله: إلهي لا تبذِّر حنانك على الطغاة /لا تكن رؤوفاً معهم ولا تجعلهم يعيثون في الأرض ذباباً./إلهي لا تجعلهم يستبدون ويتسعون كالجريمة./إلهي ألجمهم،/ألجم طغيانهم./إلهي، إلهي، /إلهي/ي/ي/ي.../لا تدع دعاءنا يذهب أدراج الريح."
"ضلالات إلي سليم بركات" للشاعر حسين حبش صادر عن دار أزمنة 2009
باسم سليمان
الزمان
Bassem-sso@windowslive.com



الأحد، 11 أكتوبر 2009

تماما .....
تماما هذا ما فكرتْ به المطبعة: هذه عادتك أيها الإنسان تتنكر دوما لطرقاتك السابقة وتحتفي كعاشق بدروبك الجديدة , أراه على مدى النسيان ,المخزن, لربما المتحف الذي ستلقيني به وسوف يأتي أطفال مع مدرِّسة تتكلم من ميكرفون صغير مثبت لياقتها فيستمعون لها عبر سماعات صغيرة كحبة العدس ملتصقة داخل آذانهم وإذا أرادوا شيئا همسوا في ميكرفوناتهم أيضا , كل هذا لكي لا يتصدع الصمت الباذخ في متحفك أيها الإنسان , آه ما أجمل ذلك الضجيج الذي كانت تخرج من خلاله الأوراق البيضاء بقبلٍ من الحبر.
تماما هذا ما فكر به القلم الملقى على الطاولة: أنا الشاهد على جحودك , كم من الوقت مضى عليّ وأنا أتشهى صفحة بيضاء كاملة يسيل عليها دمي وينقش تلك الحروف التي أعشق رسمها ؟!, أتذكر أجدادي بعمرهم القصير , حيث كان كل واحدا منهم يملأ الكثير من تلك الصفحات بعصارة الفكر ونار العواطف , أما الآن فكثيرا ما تتركني على هذه الطاولة أو إن خطر على بالك أن تفعل بي شيئا تحك رأسك اليابس بجسدي الذي كاد حبره يتجمد ويفسد وتنساني في جيبة قميصك كنوع من الزينة ,آه, لكم أرغب بأن أقطع عروقي وأترك حبري ينساب بهدوء روح تغادر جسدها وأنزع لك هذا القميص الأبيض الذي ليس فيه من الطهر شيء, ببقعة زرقاء تشهد على رفضي هذا المصير الذي رتبته لي , بعدما جلبت هذا التابوت الذي تتأبطه كحانوتي حيثما ذهبت.
تماما هذا ما فكرت به الورقة: لمن كل هذا البياض , لمن أدخره , للغبار , لبراز ذبابة حمقاء ,للصفرة , حيث الزمن يكتب عليّ مروره والرطوبة تشدّني من أطرافي إلى الداخل , فأنكمش كورقة خريف مرعوبة من الريح , وهل سلة المهملات مصيري؟, دون قطرة حبر أتكفن بها ,أنا هنا ؟!, يا من تهجرني , فلولاي , كيف كان لك أن ترسم تلك الحروف بالقبضة الصغيرة , أما الآن وبعد أن كبرت يدك تصافح غيري بأناملك وتتفنن باستخدامك الأصابع العشرة ,فيما كنت اكتفي بثلاثة منها , لو كان لي دم كما القلم لأرقته ولطخت لك هذه الطاولة البائسة مثل نفسيتك يا من تدعي الحضارة.
تماما هذا ما أفكر فيه : غريب أمركم!, فهذه الصخور التي نقشنا عليها حروفنا الأولى تربض بفخر خلف الزجاج المقسى كذلك الألواح الطينية سعيدة بما نقلت لنا من أساطيرنا , أنظري لتلك الجلود فهي لا تحن لتلك المراعي التي اصطدناها منها بل تتباهى بتلك الخطوط كأنها كحل على عين حوراء, وورق البردي صار لوحات تتزين بها مجالسنا , فلا أحد منهم يشكو شكواكم ويتهمنا بأننا قساة ولا نحفظ للزمن الذي بيننا مودة, بل الكل يشكرون لنا, لحفظهم من التلف والدخول في مكنة التراب التي لا ترحم حتى ديدانها, فما بلكم ...؟!.
ابتسم " اللاب توب" في شاشته, بينما أنا أقوم بحفظ الملف واستعد لخيار إغلاق من قائمة "أبدأ" ومن ثم خرجت معلقا على كتفي حقيبة سوداء تحتوي : مطبعة وقلما وورقة .
لا أعرف ما دار في ذهنهم لكني قد أخمن , وقفت قليلا أمام واجهة زجاجية لأجيب على جوالي الذي يرن بنغمة " وحدن بيبقو متل زهر البيلسان" وعين تتشهى تلك المانيكان ذات الفستان الذي ينحسر عن معظم ساقيها البلاستيكيات.
اشتريت الجريدة وعلى صفحتها الأولى المعنونة بِ – قرأت- : الصحافة الورقية إلى أين؟, أضحكني السؤال الاستنكاري , فوضعت الجريدة في حقيبة " اللاب توب " السوداء, مرت بجانبي صبية تلبس الجينز , حدقت بها , فأشاحت بنظرها جانبا , فقلت في سري : لماذا التكبر هذه المانيكان أجملك منك!.
باسم سليمان
تشرين


قلفة

- عضوكَ سيف مغمود, أما ,أنا ومحمود , فسيفانا قد شهرناهما منذ الشهر الأول لولادتنا؛ لذلك يحق لنا الزواج بأربعة ,فهما قد تنطعا للقراع منذ نعومة أظفارهما وهذه الأفضلية يجب أن تقر بها؛ أما مزايداتكَ والميزات التي خلعتها على زائدتك اللحمية من سهولة ممارسة العادة السرية بلا بصاق أو صابون وما تؤمنه من متعة أكبر, أرجعتها لمساحة الجلد المكتنز بالنهايات العصبية وأن الممارسة لديك باثنتين مما لدينا, فالواقع يكذبها فلا تنفعك ولا يتساوى السيف المثلم من كثرة الضراب والسيف الصدئ في غمده ؛حتى أنك تستطيع معرفة شهرة أعضائنا من ولع النساء الغربيات والعناء الذي يتكبدنه ليحظين بمضاجعة من له شهرة أن يجعل أربع نساء ينمن وهن منهكات الفروج وأضفْ على ذلك ما قرره الطب من منافع الختان.
- بما تفسران إذاً ختان البنات الذي وجد أساسه في قطع شهوة الأنثى وما أكده الطب بأنها تخفف من ثورة الأنثى الجنسية ولكن تجعلها نهبا لاحلام لا تتحق فتصبح مخلوقا معقدا كالشارب من ماء البحر لا يرتوي ,فيقضي عمره في ملاحقة السراب ,أليست الحور العين نتيجة لهذا الحرمان؟, في حين هذه الجلدة كالسرج للحصان, تجعل ركوبه ممتعا ولا تترككما مقرحين القفا أو في هلوسات أخروية تقضونها في المضاجعة ؟!.
- الذكر فزيولوجيته مختلفة عن الأنثى ولا وجه للمقارنة .
****** ******* *****
هذا الجدال لم يكن لينتهي إلا بحكم خبيرة بأعضاء الرجال ومن غير رغدة امرأة في الأربعين مرّ على فرجها ألاف مؤلفة.
لم نكن نملك إلا 500 ليرة والسعر لديها بألف لفنجان القهوة السريع, وليكن..... الموضوع ,سؤال وجواب, وأكيد ستزهو بنفسها ,فلا نعتقد أن أحدا من الرجال قد سألها هذا السؤال وقد ترى فيه وجه فائدة غفلت عنها ,فترفع سعر فنجان القهوة إذا كان بهيل أو بلا هيل .
طرطوس مدينة مكشوفة أنها قرية كبيرة , تشعرك أنك معروف جدا ,لذلك تسللنا إلى بيتها في الحادية عشر صباحا فلا أحد سيظن بنا فهي لا تبدأ عملها إلا مساء, حسب ما سمعنا, رسمنا خط سيرنا والأهم كيفية قرع الباب لإيقاظها والتعبير الذي يجب إبداؤه على ملامح وجوهنا ليقنعها بعدم الصراخ بصوت يصل لآخر الشارع الجانبي وعلينا أن نجعل الخمسمائة ليرة ظاهرة في حين داني يتولى سؤالها ومحمود يبقى خلفنا تحسبا, فيما بعد وبعد التحليل كانت علامة البله النتيجة الحاسمة لملامح وجوهنا التي يجب تقديمها لها , الجدية البلهاء .
صعدنا الطوابق الثلاث وأمام الباب وقفنا كمثلث زاويته تستند على الباب , ثلاث دقات على الجرس وبعد ثواني نعيدها اهتز الباب كأن نسمة خفيفة مرة من قربه وانفتح على باب من لحم وقبل أن تباغتنا بردة فعل ما كان داني يسرد ما اتفقنا عليه ,كتلميذ أمام أستاذه, وعينه على العلامة التامة:
- سيدتي المحترمة, أرجو منك أن تسمعينا فنحن والله لا نريد إزعاجك ولكن للضرورة أحكام وأنت الوحيدة القادرة على إجابتنا وإلا صداقتنا مهددة بالزوال .
وجهها الناعس قد استيقظ تماما وعلته غرابة المستيقظ من كابوس – لحظتها دفعت الخمسمائة أمام بطنها- وتابع داني: وهذا ثمن الجواب.
وعند كلمة الجواب تحركت حركة عنيفة أمالت جسدها بعيدا عن قوس الباب لتدفعه بيسراها بقوة ,مددت قدمي التي هرست بين الباب وإطاره لأمنعه من الإغلاق وداني بدأ توسلاته : من أجل الله أتوسل إليك كرمى لله .
اللغة الفصيحة التي أثارت استغرابنا, عللها داني بأن نطقه بها أنها أكثر قدرة على الإقناع فجربتها في محاولة لصيد فتاة فالتفت عليّ وابتسامة عريضة تعلو وجهها وعندما غمزت الصنارة تأكدت من صحة تعليل داني, فيما اعتبرتها هي نكتة, أما داني ساقها دليلا على أن النساء يضحكهن مما ندعوه التفكير المنطقي لأنه يتحول للهاث فيما بعد, فلا يمكن لكائن أن يكون منطقيا وله رأسان وكعادتي في معارضة نظريات داني : منطقية الرجل برأسيه, تعاكسها وتؤكدها ضحكات المرأة فكيف لرأس واحد أن يملأ فمين بالكلمات .
فتح الباب من جديد ,حررت قدمي وان امنع تأوهات الألم من الخروج من حلقي ولكنها سكنت عندما تلفظت :انتو مجانين .
فرد ناطقنا الإعلامي وباللغة العربية الفصيحة : سيدتي نحن في قمة العقل وطالب العلم يذهب إلى الصين ليعرف الجواب وجوابنا لديك ,ونحن لسنا متطفلين ونعرف أن وقت عملك لم يحن بعد .
تبتسم : ما هو سؤالكم؟.
فتابع داني : أرجو إلا يسبب إحراجا لك – تهمهم- بينما يستجمع داني صوته لطرح عليها السؤال بلهجة علمية خالصة: سيدتي بحكم خبرتك أيهما أحسن العضو المطهر أم الغير ...
تنفجر ضاحكة وتكرر: انتم مجانين.
فأجيبها بكل وقار : عفوا سيدتي أرجو الإجابة.
ادفع الخمسمائة ليدها فتزداد ضحكا :نزعتم لي صباحي , الله ينزعكم , بس والله بتستأهلوا فنجان قهوة !؟.
الغريب ما حدث والأغرب ألا ندخل؟, أنها فرصة العمر, تهادت بقميص نومها أمامنا الذي يكشف عن فخذيها كاملين وإذ أسقطتَ قلما على الأرض سترى كيلوتها الأسود – قليلا من الانحناء يكفي- همس محمود- جلسنا في غرفة الضيوف \ الزبائن, كان بيتا عاديا لوحات طبيعة إطارها أثمن منها مع طقم كنابايات مخملي اللون ,تسللت رائحة القهوة إلي أنوفنا لم أكن مثارا حقيقة بل كنت مدهوشا, محمود تلمس جزدانه ليخرج منه خمسمائة وضعها في جيب قميصه ,عرف من نظراتي ماذا سيحدث بعد الخروج فقد استدان مني ثلاثمئة ليرة وله شهر يماطل لإرجاعها ليس له سوابق لذلك كنت أصبره عليها أما الآن سأنتزعها من بين عيونه عادت وجلست قبالتنا نحن الثلاثة ,عقدت ساقا على ساق ,نظرتُ إلي فخذيها باطمئنان .
كان وجهها جديا ,الوجه الجدي دليل التفكير لم أدرك وقتها أننا فتحنا جرحا قديما
خفّت نبرة صوتها وتكلمت بلغة عربية بيضاء كلغة نشرات الأخبار.
تبدأ الذكريات "ب كان يامكان "تكلمت عن أشياء تعود لزمن بعيد لم نكون وقتها قد ولدنا تكلمت عن فتاة, يبدو أن ماضي المرأة هو فتاة تحلم وتدفع الديون المرأة أما الرجل فماضيه ليس إلا الرجل, فولدناته تنسى, أمام أطول حقبة للرجل فثلاث أرباع عمر الرجل صفته الرجولة لكن المرأة كثيرة الحقب من طفلة, ففتاة, فصبية, فعزباء فمتزوجة ,فأم ,فعاقرأو عانس... هذه الاستئنافية تحكم عمر المرأة لذلك كلامها ليس جديرا بالأخذ ككلام الرجل صاحب الفاء الواحدة في حياته.
أخذنا حديثها ولم يعد يعنيننا سيف بغمد أم مسلول.
أما الثمن فتناسيناه ويبدو أنه لم يكن يعنيها.
بالنسبة لمحمود قالت له :عد مساء لكنه لم يعد فقد أخذت الثلاثمائة وسيدفع ثمن
" المسبّحة " لوحده عقوبة على كذبه .
هبطنا بهدوء من عندها غير مكترثين بأن رآنا أحد أم لا.
إنه اليوم الثاني بعد امتحانات البكلوريا ثلاثتنا فرع أدبي فرع الفاشلين فلا حاجة للفلسفة ولا التاريخ ولا الأدب فقد شبعنا منهم في تاريخنا الآن زمن الأفرع التي تنتج نقودا -وكأنها اختصاصات رأسمالية لا اشتراكية – لا زمن العمال والفلاحين اللذين تقودهم الطليعة الثورية الذي ولى ,أننا من الفئة التي لا تجيد لغة العصر ,الرياضيات والفيزياء والكيمياء والعلوم أنها اللغة التي بنت عليها أوروبة حضارتها طبعا لكنهم تناسوا أن فرعنا الأدبي هو من أهل للفرع العلمي تلك السيادة ولكن الزمن زمن أمريكا وزمن خط الإنتاج, سيدة العالم بلا منازع إلا ما تصنعه من خصوم لها, أنها كالمرأة التي تصطنع الخوف لتلتجئ لحضن عشيقها عندما يتعثر قط بصفيحة تنك ومن ثم رقبته , ثم تعلي صوتها وتتأوه من إرهابه وخشونته وتبدأ حربها الإعلامية عليه والعسكرية؛ لتصل لحد الخلع, هل أفكر في أمريكا أم في لمياء؟
محمود : وين رحت ؟
البكلوريا , يا رجل, أمامنا حلان وليس متوفرين , الوظيفة أو السفر , يقولون الفلسفة أم العلوم ولكن أمنا تزوجت البراغماتية ومن يتزوج أمنا يصبح عمنا والآداب أخلاق الشعوب لا الدول ونحن نعيش في زمن الدول , لقد درسنا موادا لا جدوى منها , قفا نبكي من مستقبل ...


ههههه............ههههههههههه مازلنا نضحك عندما دخلنا المطعم , صاحبه زميل لنا استلمه من بعد أبيه , استقبلنا بود , قُبل على الخدود وعلى الأكتاف
- ماذا تأمر قبضايات البكلوريا
أنا : مسبحة العقيد
محمود : وخليها جماهيرية عربية عظمى
أخرجت الحمراء الطويلة , لم يحتج الشباب لعزيمة كل منهم أخذ سيجارة وعلت فوقنا ضبابة صنع في سوريا .
بانتظار المسبّحة كانت عيوننا على الشارع نر اقب الصبايا العابرات .
**************** ********************
تجشأ داني وفاحت رائحة البصل ومعها تداعت ذكريات قديمة جدا , قطعت الطريق على داني وبعين تلسكوبية عادت في ضوء الماضي حوالي خمس عشرة سنة, جذبته من جانب محمود وألصقطته بالحائط وهمست له الأخ لا يكذب على أخيه , هلكتنا بالنقاش عن عضوك ذي القلفة وأنت ماعندك ....
دفعني داني وأنسل وجانب محمود المستغرب من كلانا وأخذ يضحك : الواقع بما يجب أن يكون ليس بما هو كائن والقصة قصة مبدأ.
مزمجرا وصارخا : سأعريك هنا وأجعلك فرجة كقرد السيرك, المبدأ الوحيد الذي أعرفه هو الحقيقة.
تدخل محمود بيننا وهو يظن أن خطبا ما قد حصل : ياشباب عيب مو هيك الصداقة ..
أجبت محمود بينما داني يضحك وتقريبا أنا مثله : هيدا الكذاب ليس له جلدة ولا من يحزنون , لقد تذكرت, كثيرا ما تندرت أمه وأمي وهما يشربان القهوة أن داني قد فقد جلدته منذ كان عمره سنتان ونصف فقد ألتهب عضوه العظيم ولم يكن من حل سوى تطهيره ولكن المخبول عقله لم يستوعب ما حدث له ولم يعد يستطيع التبول بعدها ومضت ساعات طوال وأهله كالمجانين فلم تنفع كل الوسائل لا اقناع هذا التيس بالتبول حتى فكر الطبيب بتخديره أو سحب البول من مثانته عبر "السيرنك" لكن أمه وأمي فكروا فيما لو شاهد عضوي لربما يقتنع أن ماحدث له ليس غريبا وجلبوني وأروه عضوي الذي يشبه الخنجر دون غمده السخيف وعندها بول المصون على السجادة ولم يأكل علقة بل ضمته أمه إلى صدرها ,اتمنى لو أكلها ساخنة.
ضحك محمود : الآن انتما آخان بالأعضاء
رد داني : آخان بالبول
بل الكل للواحد والواحد للكل قلتُ وصمتنا بعدها فهذه المقولة لا تصلح مع
الأعضاء الذكورية , فيما لمياء تنبت رويدا, رويدا في شرودي.

تمت

* المسبّحة: أكلة مصنوعة من الحمص
باسم سليمان

الخميس، 8 أكتوبر 2009

متدارك , متدارك الفراهيدي

متدارك , متدارك الفراهيدي
عندما فطن تلميذ الفراهيدي الأخفش, أنّ بحور أستاذه التي جمعها من خيام جاهلية العرب ,ليست هي نهاية الخيام ,أضاف بحر المتدارك , ولو تعمق بالبحث لأضاف وأضاف ؛ ولكن عندما يستوطن الإنسان ضفاف النهر لا بد له أن يعاند ضفافه ؛ هكذا فُهم صنيع الفراهيدي ليحد من قدرة الشعر/ النهر على اجتراح منحنياته , وللإنصاف , يجب القول : إن الفراهيدي كان يعلم بما سُمي شذوذات تلك البحور لكنه اختار منها الأعم الأشمل , هنا لن نحكم على الفراهيدي ولا من جاء بعده , فقد اجتهدوا ولهم في ذلك تأسيس وهذا فضل هم أسبق له , فإذا كان هذا حالهم , أليس في ركوننا لإنجازهم نوع من الخيانة؟!.
الباحثون وجدوا العديد من النصوص الشعرية لعباقرة الشعر قد خرجوا بها عن الوزن , مثلا لامية لامرئ القيس وبائية عبيد بت الأبرص التي مطلعها:
أقفر من أهله ملحوب فالقطبيات فالذنوب
ابن رشيق رأى فيها : إنها اقرب للخطبة والقصيدة غير موزونة , ولكن عبيد , هل فاته هذا ؟!, كذلك حال امرئ القيس وغيرهم كميمية المرقش الأكبر وأبيات لأمية بن أبي الصلت , وكل ذلك لم ينل من فحولتهم ؟!, وألا تأتي مقولة أبي العتاهية" أنا أكبر من العروض" ككشف على أن الشاعر أسبق من العروض والوزن وهي تقاد له فلا يقاد لها , ويدورها كما شاء؟! .
أبو تمام حكيم الشعراء وجد له المعري في ديوان الحماسة ثلاثة أوزان جديدة سماهم :المضارع , المقتضب, المجتث, ونضيف أيضا لما نقول عنه شذوذات أشعار المولدين التي سميت عكس البحور, ونزيد على هذه الشذوذات مدام الوزن فيصلها : الرجز والسجع والموشحات وكلها قد سُقيتْ بغيم محيط الوزن الذي هو اللغة ,فاللغة العربية موزونة سواء كانت على السماع أو القياس
والشعر موزون سواء كُتب منظوم أو منثور على أساس وزنية اللغة ؛ لكن يختلف الأول عن الثاني في التكرار , فهل نعتبر قالب التكرار هو ميزان الشعر ونجب صنيع العرب الشعري ونكتفي منه فقط بالمنظوم الذي ثبته الفراهيدي , أليس ذلك عين الظلم للإبداع العربي؟!.
ما قدمناه يثبت وجود الإرهاصات الأولى لقصيدة النثر وإن أنبتت وظهرت في مكان آخر على يد بودلير .
ولنأخذ هنا تجربة النفّري, فماذا لو قدّر للحضارة العربية أن تستمر؟, ألم يكن من طبيعة الصيرورة أن تصل تجربة النفري لما ابتدأه بودلير الذي وجد إرهاصات قصيدة النثر في غاسبار الليل التي متح شاعرها بنيتها من شعراء التربادور المتأثرين جدا بالأوزان التي عمّت في الموشحات, المنطق يقول ذلك , إذاً فما العيب في القول: إن قصيدة النثر لها جذورها في تاريخنا وأن نحمل قول أبي العتاهية كإشراقه لما سيصير عليه الحال؟!.
ولابد من التعريج على القبول النفسي لشيوع نمط ما , الآن سيطرت قصيدة النثر على مجمل التجارب الشعرية ولا يعيبها أنها لم تصل كشيوع لدى المتلقى كما هي قصيدة العامود في ماضيها والتفعيلة عانت ما عانته أيضا, ولا يضيرها أن تقاس على ماضي قصيدة العامود لأن قصيدة العامود الآن, ليس لها شيء من مجدها القديم , فحال القراءة السيئ قد أصاب كل النتاج الإبداعي العربي لكن نستشف من حالة قصيدة العامود ما يفيدنا في فهم وضع القصيدة النثرية فعدم شيوعها والاتهامات التي تكال لها غير صحيحة والدليل أن قصيدة العامود والصحة التي تقلدتها في نظر من يرى في قصيدة النثر هي الضلال بعينه لم تنفعها في عصرنا , في حين قصيدة النثر تجد القبول النفسي لدى الشعراء والمتلقين , والسوء الحالي ليس يعود لقصيدة النثر بقدر ما تستغرقه حال القراءة في الوطن العربي.
نهاية ,أليس من الغريب أن نظل نسأل عن مشروعية قصيدة النثر وأن لا نقبل التأسيس لها,ولو كان ضمنيا لها في تراثنا الشعري؟!,.
باسم سليمان
Bassem-sso@windowslive.com
تشرين

الأربعاء، 7 أكتوبر 2009

طفولة مستعادة في وقت الشعر

طفولة مستعادة في وقت الشعر
" لا الشاعر مات ولا القصيدة اكتملت" ؛ إذاً متى يُتخم هذا الزمان/ المكان؟! , فيخلي سبيل نَفَس الشاعر الأخير في فضاء من طمأنينة وتتدثر القصيدة بدفتي كتاب وينفرط عقد قبيلة الجان في وادي عبقر ليتبخرن في ألسنة النار؟!.
يأتي الجواب " الخير والشر, شريعتان من أجل الرغيف/ واحدة كتبتها أنا/ والثانية أخي" وبسبب هذه الثنائية , لا تتم القصيدة ؛ليبقى السؤال إلى أين؟ .
"الطفولة خرافة عابرة/ ستأتيك يوما" أنها الطفولة التي يحاول الشاعر استعادتها ليس من التاريخ - فالطفولة دوما كانت خارج رحاه التي يطحن بها البشر في ثنائيات , بقدر ما عملوا على تجاوزها , أكدوها؟!!- بل من الشعر.
والشاعر في تلمسه تلك البراءة المتجاوزة للشرائع يكتشف حقيقة الحياة/ المأساة " رأيتهنّ وقد عبرنَ نحو الضفة الأخرى/ فغدوت كأرجوحة طفل/ لا هنا استقر/ ولا هناك استمر/ وبقي عزائي/ قصائد شعر , وغفوة مطر".
أمام هذه الهنا والهناك أصل القلق ومنشأه الذي يعصف بالشاعر فلا يبقي له صوتا يستعين به مادامت جميع الأصوات تتمرغ بهذه الثنائية وهو الذي طعن بشرعيتها , فانعدامها لا يكون إلا بمد يده لقتل آخاه , أيعيد تكرار التاريخ وهو الهارب منه ؟!! , لا , كان جوابه لأنه يكون كمن يطفئ النار بالنار , إذاً كيف يجعل نار القلق التي تتأكله, بردا وسلام ؟.
وكان الشعر/ الخطاب الذي يعلو على الترويض,ماء الحقيقة, فراح يكشف به نفسه وطريقه ومجتمعه , فاضحا وهادما أبنية المجتمع المتهافتة ؛ لكنه يبذر حروف الحقيقة في الركام , لأنه لابد من ....." كنْ الأقصى من هنا/ أو الأقصى من هناك/ لأن ما بينهما مستنقعات آسنة تعفّنت فيها/ قامات الاعتدال".
والطفولة مؤنث يعود له الشاعر, وهي ليست الطرف الثاني لثنائية مذكر ومؤنث بل هو منها وهي منه, وحدة كاملة , فيقف بها وبه ,يستنطق شفة الحياة " أنا الحياة: سأبقى لغزا لكما/ متخم بلا شبع – يفتش عن شبع/ كي يقفل الدائرة وينام/ وموجوع بل وجع – يفتش عن صمت – يصرخ فيه ضجيج أبطاله المحرومين/ كي يقول للضوء: أنا العفة/ وللسر: أنا ضدّه/ ولتبقى أيديكما أبدا / تطرقان باب عدالتي / تنشدان الميزان", فيمسك الشاعر الميزان - الشاعر كائن لا هو ذكر , ولا هو أنثى , أنه إنسان وكفى - يرفعه فلا يزن به أخطاء وصواب الإنسان بل كلمته؛ لأن الكلمة مبتداه ومنتاه ,ومنه منبت حريته وثبات آثار أقدامه , فأكبر صروح البشرية لفّها التاريخ بعباءته ولفظها بالأطلال إلا الكلمة عندما ضاق عليها المتن اعتلت إلى الهامش , فحملته روحا وجسدا وكانت له الصليب والمعراج , فقالها وأسلمها للريح تسمع من يصيخ السمع, فالكلمة وحدته المشتهاة.
هكذا يحفل الديوان بخواتم أشبه بالهايكو, تدّعي الانفصال عن القصيدة أو محيطها لتعطيك فرصة التأمل الحرّة , كأنها أقصى حركة الأرجوحة بين ضفة وضفة " إذا أردت أن تكتب الشعر: تعرّ" " ما قيمة الحرية/ عندما يُكسر للطائر جناح" , ومن خلال الشعر يحاول الشاعر جَسر الضفتين لتصبحان ضفة واحدة أي لا ثنائيات تحطم وحدتنا , وفقط بالشعر يقدر الإنسان والشاعر على تثبيت آثاره.
" لماذا محوتم آثار أقدامي" مجموعة شعرية للشاعر أنطون دوشي صادرة عن دار بدايات 2009
باسم سليمان
Bassem-sso@windowslive.com
الثورة