الخميس، 10 سبتمبر 2009

الاسماء افعال

الأسماء أفعال
رواية " من أنت أيها الملاك" لإبراهيم الكوني تقدم لنا حكمة ارتباط الاسم بالمسمى عن طريق العمل الذي ينجزه ليصبح الاسم حكما قيميا يطال صاحبه سلبا أو إيجابا وهذه العادة كانت مطردة في قديم الزمان بشكل كبير وحتى لو أخذ المولود الجديد اسما منذ لحظة ولادته لكنه في تأريخ ذكراه كان يلبسه اسم يدل على عمله المادي والمعنوي وخاصة إذا كان من المشهورين من قومه.
ونتذكر فيلم " الراقص مع الذئاب" حيث نال لقبه من خلال علاقته بذئب جاور محرسه وطبعا لا ننسى الدلالات الأخرى لتسميته وبحكم سطوة الصورة يغدو الهنود في الذاكرة الجمعية هم أكثر الشعوب التي تربط الاسم بالعمل , فالأسماء لديهم مستخلصة من تتابع أعمال يعتاد المسمى على القيام بها لذلك فينال اسمه من خلال عمله والحكم على هذا العمل .
لكن العرب كانوا كذلك فهم في تسميتهم لأولادهم يحرصوا على أسماء قوية وتحمل المرغوب والمتمنى أن يصبح الشخص عليه من مكانة وقوة وكرم , فنجد أسماء تستعير أسماء الحيوانات المفترسة أو أسماء رجال عظام في تاريخهم أو أسماء عقائدية تطورت في الزمن الإسلامي لترتبط مع أسماء الله الحسنى ومع هذا التنبه لأهمية الاسم وما يُنتظر منه لم يكن يُكتفى به فيطغى عليه لقب اعتاد على القيام بأفعاله ويكاد يلغي اسم الولادة.
فيروز تغني " الأسامي كلام شو خص الكلام عنينا هن أسامينا" والمثل يقول : لكل من اسمه نصيب, وهذا في زمننا لكأن حال التسمية مازال له نفس الدور الذي كان له في السابق فكثيرا من الأسماء اليوم مستقاة من أسماء رجالات دين وسياسة ومن مشاهير عصرنا وخاصة ممن يخرجون لنا من الشاشة الفضية والحافز لذلك هو أمنية أن يكرر صاحب الاسم الجديد المستنسخ عن الاسم السابق كل أو بعض خصال صاحب الاسم السابق وعليه نسأل ألا يتكرر تاريخ الأسماء , تبدو الإجابة على طرف اللسان ولا تحتاج لكثير من الجهد العقلي لاستنباطها لكن ظاهر الأمر يخالف متتبعاته فالاسم اليوم يحمل الكثير من الدلالات الخارجة عنه فهو يحدد انتماء الشخص وهويته القانونية من خلال سجلات تظل تلقي بظلالها إلى أن يسجل فيها خروجه من الحياة واللقب مهما كان قويا فهو ذو طبيعة شفوية غير معترف بها على صعيد الكتابة الصماء التي لا تعترف إلا بالخط الأسود على الورق الأبيض لذلك تحتاج عملية تغير الاسم لإجراءات كتابية عبر دعوى لها مجراها الذي ينتهي بتغير الاسم بعيدا عن مقولة :إن الاسم من العمل .
اليوم عندما نُسمى بطريقة اعتباطية إن صح القول يحتفل الآخرون باسمنا أما نحن فلا نحتفل وعندما نعي هذا الاسم ونتعلم الرد على من ينادينا من خلاله نبدأ تدجينه فلا نهتم بصفاته وما يدل عليه ولا بتأكيده أو نفيه , الاسم اليوم يفقد معناه الفعلي ليتحول لكلمة في أوراق القاموس
لاغير وإن حدث وتنبه أحد لتماثلنا مع اسمنا أو معاكستنا له يمر تعليقه مرور السراب فهو لن يستطيع تغيره ,فلا يبقى من أغنية فيروز سوى" الأسامي كلام" ومن المثل خسارة " النصيب"
لذلك أنهى إبراهيم الكوني روايته بأقدام " مسي" والد " يوجرتن" أي "بطل الأبطال" على التضحية بابنه عندما فشل بأن يحوز له اسما يكون بوصلة لأفعاله وقصر الولد في استحقاق اسمه فقبل تضحية والده به وهذه التضحية ما هي إلا محاولة لإعادة اللحمة بين الشكل والمضمون والاسم والمسمى.
العدد الأكبر من الأسماء لها معان جميلة وصفات حسنه , هل نستطيع أن نفعل ما تنادينا له؟!.
تشرين
باسم سليمان
Bassem-sso@windowslive.com

ليست هناك تعليقات: