مقص " ق ق ج" في شَعر الواقع
" ق ق ج" ,هكذا هي القصة القصيرة جداً مولعة بالاختصار , لقد رأت حتى في الكلمة استطرادا لا ضرورة له , لا يوجد في "ق ق ج" ثيمة" كان يامكان" ,ولا أن تتلمظ الكلمات , فهي ما أن تبدأ حتى تنتهي وتترك القارئ في زمن مكسور ومكان هجرته الجهات , لربما تريد الاختفاء , مجرد عدة نقاط ويكفي ؟!. حضورها شبحي يجيد أن يجعلك تقفز من مكانك , فهي ما وراء, ما بعد, أنها مابعد القراءة من شكوك وظنون , تريد اللايقين وسيلة وغاية؟!.
ليس هذا تعريفا لها بل الدخول الذي يقتضي المواربة لعوالمها ومن ثم لمجموعة عمران عزالدين أحمد القصصية " يموتون وتبقى أصواتهم" وفي دلالة العنوان نستطيع أن نجد حرباء ملامحها , ف" ق ق ج" متمنعة على القراءة لقصرها لكن مفتوحة على التأمل .
سأعرض قصتين في محاولة لاستجلاء بعض خصائص " ق ق ج" :
ففي قصة " مصروف" يقص عمران: "كان والدي يعطي مصروفا لأخي الصغير, ويحرمني منه, فكنت أتحين الفرص كي أسرق مصروفه, وكنا دائما نتعارك, لما تكررت هذه القصة كثيرا , قطع والدي المصروف عن أخي, فاتفقنا على سرقة معطفه"
و قص آخر بعنوان" جدول الضرب" : في حصة الرياضيات سأل التلميذ أستاذه: كيف نحفظ جدول الضرب يا أستاذ...؟ أجابه : ألا تسكت عن حقك يا بني".
لقد أخذت من الحدث ,قفلته الصادمة في القصة القصيرة ومن الشعر التكثيف وعوالم المجازات ومن المسرح الحوار ثم أنكرت وسخرت وأنجبت نفسها كجنس وحشرت نفسها على منصة الأدب.
ف " ق ق ج" لم تسكت عن حقها في استبطان خصائصها وإظهارها في قصها, فهي تقيم الاحتجاجات والمرافعات لتكسب شرعية وجودها كجنس أدبي يستحق التقعيد ليقوم النظري بجانب التطبيقي وتبتعد بذلك عن الكثير من المجانية والتسطيح الذي يعمها.
ولا يضيرها ما يقال عن كفاية القصة القصيرة للقيام بشؤون القص , فمادامت تقدم الكثير عبر أسلوبها وشكلها فهي قد خرجت عن ربّ رمية والاستثناء الذي لا يشكل قاعدة إلى الوجود الحق.
فعمران عمل بتقنية السحب والترك والقص واللصق , يلتقط القصة بعين خبيرة وكلمة تسد مسد الشرح ويد تجيد رمي القصة في قلب القارئ وبهذا يجعل قصصه كأنها دوال ودلالاتها تعيش بينا وهذه الدلالات التي تطال مجمل مستويات حياتنا , كاشفة وفاضحة وساخرة ومتهكمة , تضع العصي في دواليب البلادة والسلب لتقيم محور دولاب الإيجاب , لنعيد حرث أفكارنا وممارساتنا وزرعها بالشجر لتنقية تلوث الأجواء من حولنا.
إن " ق ق ج" تشبه المشي على الحبل , والذي له صفة التأرجح و جوهره التوازن عليه و"لكن" إن أشتد التأرجح سقط الماشي والسقوط هنا يفيد التشابه والمتكرر في نتاج هذا الجنس الأدبي والسبب يعود لأن " ق ق ج" من خصيصتها الجوهرية إصابة الهدف في الصميم وبغير ذلك تعتبر رمياتها غير محسوبة ولو أصابت الدريئة , فهي ليس كالقصة القصيرة التي في جعبتها عدة رميات إن خابت الواحدة قامت مقامها الثانية , فصفتها الرمية الواحدة وميزتها أن لا تثنية لها , وهنا نقول : إن عمران من الرماة في هذا الجنس الأدبي و" اللكن " التي وضعناها بين قوسين لا تنقص قيمة هذه المجموعة أبدا.
يقول عمران في قص " ثورة" : اشتدّ نباح الكلاب , حين شرع اللحام الموجود في الحارة , ببيع العظام, إلى الناس الفقراء.
وازدانت المجموعة بتقديم للقاص والروائي حسن البقال من المغرب والناقد والروائي هيثم حسين من سوريا .
احتوت المجموعة 86 قصة , صادرة عن دار التكوين دمشق لعام 2010 " يموتون وتبقى أصواتهم " مجموعة قصصية ل عمران عز الدين أحمد تستحق القراءة والتوقف عندها .
باسم سليمان
الثورة
Bassem-sso@windowslive.com
" ق ق ج" ,هكذا هي القصة القصيرة جداً مولعة بالاختصار , لقد رأت حتى في الكلمة استطرادا لا ضرورة له , لا يوجد في "ق ق ج" ثيمة" كان يامكان" ,ولا أن تتلمظ الكلمات , فهي ما أن تبدأ حتى تنتهي وتترك القارئ في زمن مكسور ومكان هجرته الجهات , لربما تريد الاختفاء , مجرد عدة نقاط ويكفي ؟!. حضورها شبحي يجيد أن يجعلك تقفز من مكانك , فهي ما وراء, ما بعد, أنها مابعد القراءة من شكوك وظنون , تريد اللايقين وسيلة وغاية؟!.
ليس هذا تعريفا لها بل الدخول الذي يقتضي المواربة لعوالمها ومن ثم لمجموعة عمران عزالدين أحمد القصصية " يموتون وتبقى أصواتهم" وفي دلالة العنوان نستطيع أن نجد حرباء ملامحها , ف" ق ق ج" متمنعة على القراءة لقصرها لكن مفتوحة على التأمل .
سأعرض قصتين في محاولة لاستجلاء بعض خصائص " ق ق ج" :
ففي قصة " مصروف" يقص عمران: "كان والدي يعطي مصروفا لأخي الصغير, ويحرمني منه, فكنت أتحين الفرص كي أسرق مصروفه, وكنا دائما نتعارك, لما تكررت هذه القصة كثيرا , قطع والدي المصروف عن أخي, فاتفقنا على سرقة معطفه"
و قص آخر بعنوان" جدول الضرب" : في حصة الرياضيات سأل التلميذ أستاذه: كيف نحفظ جدول الضرب يا أستاذ...؟ أجابه : ألا تسكت عن حقك يا بني".
لقد أخذت من الحدث ,قفلته الصادمة في القصة القصيرة ومن الشعر التكثيف وعوالم المجازات ومن المسرح الحوار ثم أنكرت وسخرت وأنجبت نفسها كجنس وحشرت نفسها على منصة الأدب.
ف " ق ق ج" لم تسكت عن حقها في استبطان خصائصها وإظهارها في قصها, فهي تقيم الاحتجاجات والمرافعات لتكسب شرعية وجودها كجنس أدبي يستحق التقعيد ليقوم النظري بجانب التطبيقي وتبتعد بذلك عن الكثير من المجانية والتسطيح الذي يعمها.
ولا يضيرها ما يقال عن كفاية القصة القصيرة للقيام بشؤون القص , فمادامت تقدم الكثير عبر أسلوبها وشكلها فهي قد خرجت عن ربّ رمية والاستثناء الذي لا يشكل قاعدة إلى الوجود الحق.
فعمران عمل بتقنية السحب والترك والقص واللصق , يلتقط القصة بعين خبيرة وكلمة تسد مسد الشرح ويد تجيد رمي القصة في قلب القارئ وبهذا يجعل قصصه كأنها دوال ودلالاتها تعيش بينا وهذه الدلالات التي تطال مجمل مستويات حياتنا , كاشفة وفاضحة وساخرة ومتهكمة , تضع العصي في دواليب البلادة والسلب لتقيم محور دولاب الإيجاب , لنعيد حرث أفكارنا وممارساتنا وزرعها بالشجر لتنقية تلوث الأجواء من حولنا.
إن " ق ق ج" تشبه المشي على الحبل , والذي له صفة التأرجح و جوهره التوازن عليه و"لكن" إن أشتد التأرجح سقط الماشي والسقوط هنا يفيد التشابه والمتكرر في نتاج هذا الجنس الأدبي والسبب يعود لأن " ق ق ج" من خصيصتها الجوهرية إصابة الهدف في الصميم وبغير ذلك تعتبر رمياتها غير محسوبة ولو أصابت الدريئة , فهي ليس كالقصة القصيرة التي في جعبتها عدة رميات إن خابت الواحدة قامت مقامها الثانية , فصفتها الرمية الواحدة وميزتها أن لا تثنية لها , وهنا نقول : إن عمران من الرماة في هذا الجنس الأدبي و" اللكن " التي وضعناها بين قوسين لا تنقص قيمة هذه المجموعة أبدا.
يقول عمران في قص " ثورة" : اشتدّ نباح الكلاب , حين شرع اللحام الموجود في الحارة , ببيع العظام, إلى الناس الفقراء.
وازدانت المجموعة بتقديم للقاص والروائي حسن البقال من المغرب والناقد والروائي هيثم حسين من سوريا .
احتوت المجموعة 86 قصة , صادرة عن دار التكوين دمشق لعام 2010 " يموتون وتبقى أصواتهم " مجموعة قصصية ل عمران عز الدين أحمد تستحق القراءة والتوقف عندها .
باسم سليمان
الثورة
Bassem-sso@windowslive.com